مقدمة:
بني الإسلام عند الشيعة الاثني عشرية على الصلاة والصيام والزكاة والحج والولاية لآل البيت، وجعلوا أعظمها الولاية. ولذلك فهم يكفّرون كل من لم يعتقد بولاية أئمتهم أو فضّل عليهم أحداً من المسلمين. يروي الكليني والعياشي: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماماً من الله، ومن زعم أن لهما ـ أي أبي بكر وعمر ـ في الإسلام نصيباً». ويقول ابن بابويه القمي في رسالة الاعتقادات: «واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين ـ أي علي ابن أبي طالب ـ وأنكر واحداً من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من آمن بجميع الأنبياء ثم أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .
، وقال النبي صلى الله عليه وآله ـ كما يزعم ـ الأئمة من بعدي اثنا عشر أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم القائم، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، فمن أنكر واحداً منهم فقد أنكرني». انظر مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة للقفاري 1/312 وما بعدها.
وعلى هذا فأهل السنة جميعهم كفار لأنهم يعتقدون إمامة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا يغلون في حب آل البيت، وجميع فرق الشيعة غير الاثني عشرية هم كذلك كفار، لأن كل فرقة من هؤلاء تخالف الاثني عشرية في أحد الأئمة، هذا فضلاً عن كفر غير المسلمين من باب أولى.
وسنعرض في هذا البحث لمواقف كثيرة، خالف فيها الشيعة مذهبهم فوالوا أعداءهم الذين يخالفونهم في أئمتهم ـ خلا خصومهم أهل السنة ـ الذين كان الحال بينهم دوماً حرباً وعداءً وتربصاً.
الشيعة والفرقة الإسماعيلية:
الإسماعيلية من فرق الرافضة الغالية التي تقول بإمامة إسماعيل بن جعفر بعد أبيه جعفر الصادق، ولهم عقائد مفرطة بالغلو، فهم ينفون جميع الصفات عن الله تعالى، ويقولون بتناسخ الأرواح، وبإمامة إسماعيل بن جعفر ونسله ويغلون فيهم حتى يوصلونهم للألوهية، ويؤولون أركان الإسلام تأويلات باطنية ليصلوا إلى ترك العبادات، وهم إباحيون لا يحرمون حراماً في الأموال والفروج، ومن فرقهم القرامطة والعبيديون ـ الفاطميون ـ الذين ملكوا المغرب ومصر ومنهم الحشاشون الذين تعاونوا مع الصليبيين والتتار، ومنهم الآغا خانية والبهرة الذين يعيشون الآن في الهند. ومن كتّابهم المعاصرين، مصطفى غالب وعارف تامر.
تعتقد الاثنا عشرية بإمامة موسى الكاظم بعد أبيه جعفر، بخلاف الإسماعيلية الذين يقولون بولاية إسماعيل ابن جعفر، ولذلك يعادي الاثنا عشرية الإسماعيلية ويخالفونهم، وقد كانوا في البداية في صف العباسيين السنة ضد الإسماعيلية عند بداية ظهورهم في المغرب، وطعنوا في صحة نسبهم الفاطمي، ولكن عندما ضعف شأن العباسيين، تغيرت سياستهم وتحالفوا مع أعداء الأمس. فقام الوزير أرسلان البساسيري وهو من مماليك البويهيين الشيعة بالثورة على الخليفة العباسي وخلعه وأعلن الولاء للخليفة المستنصر الفاطمي الإسماعيلي. يحدثنا عن ذلك الحافظ ابن كثير فيقول (البداية والنهاية : 12/ 96 وما بعدها): «فلما كان يوم الأحد الثامن من ذي القعدة من عام 450 هـ جاء البساسيري إلى بغداد ومعه الرايات البيض المصرية ـ أي رايات الفاطميين الإسماعيلية الذين يحكمون مصر ـ وعلى رأسه أعلام مكتوب عليها اسم المستنصر بالله أبو تميم معد أمير المؤمنين، فتلقاه أهل الكرخ الرافضة وسألوه أن يجتاز من عندهم، فدخل الكرخ وخرج إلى مشرعة الزوايا، فخيم بها والناس إذ ذاك في مجاعة وضر شديد، وكان البساسيري، قد جمع العيارين وأطمعهم في نهب دار الخلافة، ونهب أهل الكرخ دور أهل السنة بباب البصرة، ونهبت دار قاضي القضاة الدامغاني، وتملك أكثر السجلات والكتب الحكمية، وبيعت للعطارين، ونهبت دور المتعلقين بخدمة الخليفة، وأعادت الروافض الأذان بحي على خير العمل، وأُذن به في سائر نواحي بغداد في الجمعات والجماعات وخطب ببغداد للخليفة المستنصر العبيدي على منابرها وضُربت له السكة على الذهب والفضة، وحوصرت دار الخلافة، ونهبت العامة دار الخلافة، فلا يحصى ما أخذوا منها من الجواهر والنفائس، والديباج والذهب والفضة، والثياب والأثاث، والدواب وغير ذلك، مما لا يحد ولا يوصف. وأخرج الخليفة القائم بأمر الله العباسي من بغداد. وأما البساسيري فإنه ركب يوم عيد الأضحى وألبس الخطباء والمؤذنين البياض، وكذلك أصحابه، وعلى رأسه الألوية المصرية، وخطب للخليفة المصري، والروافض في غاية السرور، والأذان بسائر العراق بحي على خير العمل، وانتقم البساسيري من أعيان أهل بغداد انتقاما عظيماً، وغرّق خلقاً ممن كان يعاديه، وبسط على آخرين الأرزاق ممن كان يحبه ويواليه، وكثر النهب ببغداد حتى كانت العمائم تخطف عن الرؤوس. ثم لما كان يوم الإثنين ثاني عشر صفر عام 541 هـ أحضر البساسيري قاضي القضاة أبا عبد الله الدامغاني وجماعة من الوجوه والأعيان والأشراف، وأخذ عليهم البيعة لصاحب مصر المستنصر الفاطمي، ثم دخل دار الخلافة وهؤلاء المذكورون معه وأمر بنقض تاج دار الخلافة».
وقد هُزم البساسيري وقتل على يد السلاجقة طغرلبك وألب أرسلان وأعادوا الخليفة العباسي لبغداد.
والشيعة اليوم ينقِمون على جميع الدول السنية التي حكمت المسلمين، بدءاً بالخلفاء الراشدين ، مروراً ببني أمية وبني العباس، فالزنكيين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين على الرغم من كل جهودهم في نشر الإسلام والدفاع عنه على مدى التاريخ، بينما نجدهم برداً وسلاماً على دولة الفاطميين الإسماعيلية على الرغم من مظالمها وانحرافها. وهذا الخميني إمام الشيعة في القرن العشرين يثني على بعض الإسماعيلية في كتابه (الحكومة الإسلامية: 128) فيقول: «ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان نصير الدين الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام». والذي لا يعرف نصير الكفر هذا، فإنه أولاً من الإسماعيلية وملاحدة الفلاسفة، أما خدماته التي يتغنى بها هذا الخميني فهي وزارته لهولاكو قائد التتار الذي غزا بغداد وقتل أكثر من مليون مسلم فيها!
الشيعة والنصيرية:
النصيرية هم أتباع محمد بن نصير النمري الذي عاش في القرن الثالث الهجري وكان من أتباع الحسن العسكري الإمام الحادي عشر عند الشيعة الاثني عشرية، ولكنه ادعى النبوة بعد ذلك وقال بألوهية علي بن أبي طالب وألغى العبادات وقال بتناسخ الأرواح وإباحة المحارم، (الحركات الباطنية في الإسلام للخطيب ص 319 وما بعدها). فكفره الشيعة الاثنا عشرية وخاصة أنه يزعم أنه باب للإمام الغائب، في حين يزعم الاثنا عشرية أبواباً غيره. فهل كان حال القوم معه ومع أتباعه دوماً على هذا الحال؟
يقول الخطيب في كتابه (الحركات الباطنية ص: 326-327): «أن الخصيبي ـ وهو الرئيس الثالث للنصيرية بعد ابن نصير ـ حُبس في بغداد عندما جهر بدعوته، ولذا لجأ إلى سيف الدولة الحمداني ـ الشيعي الاثني عشري ـ في حلب لما استولى عليها، وكان يمت إليه بصلة القرابة، وعاش في كنفه، وقدم إلى سيف الدولة كتابيه: الهداية والمائدة. ولكننا نتساءل هل أخفى الخصيبي حقيقة معتقداته عند لجوئه إلى سيف الدولة؟ في الواقع أن الجواب على هذا السؤال يحتاج لشيء من التحقيق والتمحيص، فكتاب الهداية الكبرى الذي ألفه الخصيبي وأهداه لسيف الدولة، والذي نشر حديثاً ضمن كتاب (العلويون بين الأسطورة والحقيقة) ينفي هذا الشيء، لأن الكثير من معتقدات النصيرية وخاصة في التناسخ وتعظيم الخمر واضحة جلية في هذا الكتاب، مما يجعلنا نتساءل: هل كان الخصيبي يخفي معتقداته عن سيف الدولة؟ أم أنه وجد هناك من يؤازره ويعاضده؟ لا يمكننا أن نجيب سريعاً على هذا السؤال، ولكن لا يمكننا أيضاً أن نتجاهل أن النصيرية عندما يذكرون في كتبهم سيف الدولة وغيره من الحمدانيين، يذكرونهم بشيء من التقديس والتعظيم، ويعتبرونهم وكلاء الخصيبي في السياسة».
لقد كان الحمدانيون شيعة اثني عشرية وبينهم وبين أهل السنة صولات وجولات، وعلى الرغم من خلافهم الشديد مع النصيرية، فها هم يستضيفون إمامهم الخصيبي، ويساعدونه في الترويج لمذهبه. والخلاف بين الفريقين في الباب للإمام الغائب ليس شكلياً، فالباب عندهم هو الذي يطلع على حقيقة آراء الإمام الخفية وينشرها بين الناس، وقد لجأ الشيعة بمختلف طوائفهم إلى هذا الزعم ليبرروا الخلاف المبين بين ما يزعمونه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وحقيقة أن أئمة آل البيت لا يقولون بمثل هذا الأقوال الخبيثة، بل هم من أهل السنة ويشاركون الناس عبادتهم وأحوالهم، ويكون الباب عادة من خاصة الإمام، فيتظاهر أمامه بالصلاح والتقوى، فإذا مات الإمام زعم هذا الباب أن الإمام كان يبطن أشياء لا يعلمها إلا هو وقد كتمها تقية من الناس، ويفتري عليه كل الافتراء، ويغتر الناس به، لأنه كان في حياة الإمام من خاصته وملازميه.
فهل كان الالتقاء بين الطرفين في دولة الحمدانيين؟ لا فهناك اليوم صفحات جديدة من الولاء والتعاون. ففي أوائل السبعينات من القرن العشرين قام من يسمى بسماحة العلامة السيد حسن مهدي الشيرازي على رأس وفد من علماء الشيعة الإيرانيين بزيارة إلى مناطق النصيرية في جبلهم والساحل المنكوب الذي تسلطوا على بعض أحيائه، ومنطقة طرابلس الشام حيث هاجر إليها بعضهم من الجبل. وخلال هذه الزيارة التقى الشيرازي بعلماء النصيرية ووجهائهم وأهل الرأي فيهم، وتبادل معهم الخطب والأحاديث وتوصلوا إلى النتائج التالية:
1- أن العلويين ـ أول من أطلق على النصيريين اسم العلويين هم الفرنسيون عند احتلالهم لبلاد الشام قبل أكثر من نصف قرن، ويحرصون اليوم على عدم ذكر اسمهم الصحيح ـ هم شيعة ينتمون إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالولاية وبعضهم ينتمي إليه بالولاية والنسب، كسائر الشيعة الذين يرتفع انتماؤهم العقيدي إلى الإمام علي وبعضهم يرتفع إليه انتماؤه النسبي أيضاً.
2- أن ( العلويين ) و ( الشيعة ) كلمتان مترادفتان مثل كلمتي ( الإمامية ) و ( الجعفرية) فكل شيعي هو علوي العقيدة، وكل علوي هو شيعي المذهب.
هذا هو خلاصة البيان الذي وقع عليه أكثر من سبعين شخصاً ووجيهاً ومثقفاً يمثلون مختلف قبائلهم وتكتلاتهم، وصدر هذا البيان تحت عنوان ( العلويون شيعة أهل البيت ) عن دار الصادق في بيروت، وذكر حسن مهدي الشيرازي أنه كُلف بهذه الزيارة بناء على أوامر وردته من قم من سماحة الإمام المجدد المرجع الديني السيد محمد الشيرازي. وما كان لقاء الشيرازي بعلماء النصيرية لقاء عابراً بل مضى الطرفان _ الجعفري والنصيري _ في التعاون، ففي عام 1974 استصدر موسى الصدر قانوناً في لبنان أصبح النصيريون الذين يقطنون في شمال لبنان بموجبه شيعة جعفريين، وأقام لهم مفتياً خاصاً بهم. انظر (وجاء دور المجوس ص: 397 وما بعدها).
فهل كان الشيرازي يجهل عقائد النصيرية أو تاريخهم؟ لا أظن ذلك، بل وصول النصيرية للحكم في بلاد الشام فتح شهية الشيعة الاثني عشرية لإقامة تحالف وجبهة موحدة في مقابل أهل السنة. ومنذ ذلك الحين ترسخت العلاقات بين الطرفين، وازدادت بعد قيام الثورة الخمينية في إيران، وعلى فترة تزيد على الثلاثين عاماً عصفت بالأمة متغيرات كثيرة، في حين كان الثابت الوحيد فيها العلاقة والتحالف بين النظام النصيري في سوريا وإيران الشيعية!
الشيعة واليهود والنصارى:
كان للشيعة الاثني عشرية موقف عجيب من اليهود والنصارى، فهم وإن كانوا يكفّرون من لم ينتسب للإسلام من أهل الكتاب، ولكن تاريخهم القديم والحديث حافل بالتحالف مع اليهود والنصارى، في مقابل أعدائهم طبعاً من أهل السنة.
فعندما غزا النصارى بلاد الشام في الحروب الصليبية، وجدوا كل عون من شيعة بلاد الشام، واضطر القادة المجاهدون مثل نور الدين زنكي وصلاح الدين لمواجهتهم في معارك عديدة، وطوال المائتي عام التي لبث بها الصليبيون في بلاد الشام، لم نسمع عن شيعي واحد قام لجهادهم أو محاولةإخراجهم، ولكن نال كل الشرف في ذلك قادة السنة وعلماؤهم وجمهورهم. واليوم لا يذكر الشيعة نور الدين محمود وصلاح الدين إلا بكل النقائص والعيب.
وعندما وصل البرتغاليون إلى الهند وبحر العرب، وجدوا كل التعاون من دولة الصفويين الشيعة الاثني عشرية في إيران، وفتحت موانئهم وقصورهم للبرتغاليين، الذين كانوا لا يخفون عداوتهم للإسلام وأهله، وسعوا مرات عديدة لمهاجمة ميناء جدة للوصول إلى مكة والمدينة، ولكن الله سلّم، ويسّر للأمة من قادة أهل السنة من يقف في وجههم ويطردهم من البحر الأحمر نهائياً، في حين وجد هؤلاء النصارى الموتورون كل العون والمساعدة من الصفويين في الخليج العربي، فأقاموا لهم قواعد ثابتة ينطلقون منها لمهاجمة قوافل الحجاج التجار المسلمين في البحر.
جاء في كتاب (وجاء دور المجوس ص:80 وما بعدها): «وبلغت الدولة الفارسية أوجها في عصر الشاه عباس الصفوي (1588-1629) م الذي استعان بالإنكليز وأقام لهم مراكزَ وأوكاراً في إيران ، فكان من كبار مستشاريه: السير أنطوني والسير روبرت شيرلي، واستطاع الشاه عباس أن يحقق انتصارات على الدولة العثمانية عندما استغل حربها مع النمسا من جهة، ودعم الإنكليز له من جهة ثانية، واستفاد من الضعف والفتن في الدولة العثمانية من جهة ثالثة. وإثر ظهور البرتغاليين في المنطقة بدأت علاقات تجارية مع إنكلترا وفرنسا وهولندا، ومهدت هذه العلاقات الى اتصالات على مستوى دبلوماسي وثقافي وديني عند اعتلاء شاه عباس الأول عرش فارس عام 1587م، وسجلت تغيرات أساسية في البلاد وفي علاقتها مع الغرب، وكان من نتائج التحول السياسي الذي أحدثه شاه عباس أن غص بلاطه بالمبشرين والقسس، فضلاً عن التجار والدبلوماسيين والصناع والجنود المرتزقة. فبنى الغربيون الكنائس في إيران. فالصفويون في شخص شاه عباس الكبير أقاموا دولة فارسية باطنية، وحاربوا المسلمين السنة في إيران، وتعاونوا مع أعداء الاسلام كالإنكليز والبرتغال، وشجعوا لأول مرة بناء الكنائس، وأطلقوا العنان للمبشرين والقسس ليفسدوا في بلاد المسلمين وليرفعوا رايات الشرك والإلحاد».
وفي لبنان إبان الحرب الأهلية تعاون الشيعة ممثلين في حركة أمل مع النصارى الموارنة في حرب المنظمات الفلسطينية، وكانوا سبباً في وقوع الكثير من المجازر في المخيمات الفلسطينية الواقعة في بيروت الشرقية، وظل هذا حالهم حتى اختفاء إمامهم موسى الصدر بعد زيارة قام بها إلى ليبيا. وتعاونوا كذلك مع اليهود في جيش لبنان الجنوبي الذي كان يقوده النصارى والشيعة وتموله إسرائيل. وقام هذا الجيش بالكثير من المجازر في حق أهل السنة، ومن أبرز جرائمهم مذابح صبرا وشاتيلا. ثم تعاونوا مع ما يسمونه الشيطان الأكبر أي أمريكا فيما بات يعرف بإيران غيت وهي صفقات سرية لتبادل الأسلحة والمعلومات والأموال إبان حكومة رونالد ريغان، وكانت الأسلحة تشحن لإيران عبر وسطاء وتجار أسلحة إسرائيليين. وفي الحرب المزعومة على الإرهاب التي تقودها أمريكا والناتو والعالم الصليبي اليوم وقف الشيعة مع الأمريكان في حربهم في أفغانستان والعراق، وصرّح أكثر من مسؤول منهم أنه لولا مساعدة إيران لما استطاعت أمريكا أن تحتل أفغانستان أو العراق، وهاهم عملاء إيران في البلدين يحكمون باسم أمريكا ويتعاونون معها في حرب الإسلام والمسلمين ويرتكبون أشد الفظائع.
الشيعة والمشركون:
تعاون الشيعة مع كل معتد على بلاد المسلمين، فعندما دهم العالم الإسلامي هجوم المغول إبان حكم جنكيز خان وهولاكو، تحالف معهم الوزير ابن العلقمي الشيعي لإسقاط حكم العباسيين، والذين وثقوا به كثيراً واستوزروه. فعندما دخل التتار إلى بغداد، قتلوا كل من ظفروا به خلا اليهود والنصارى ومن دخل بيت ابن العلقمي، أو من افتدى نفسه من التجار بمال وفير.
قال ابن كثير في البداية والنهاية - (13 / 235 وما بعدها): «الوزير مؤيد الدين أبو طالب بن العلقمي، وزير المستعصم البغدادي، وخدمه في زمان المستنصر أستاذ دار الخلافة مدة طويلة، ثم صار وزير المستعصم وزير سوء على نفسه وعلى الخليفة وعلى المسلمين، مع أنه من الفضلاء في الإنشاء والأدب، وكان رافضياً خبيثاً رديء الطوية على الإسلام وأهله، وقد حصل له من التعظيم والوجاهة في أيام المستعصم ما لم يحصل لغيره من الوزراء، ثم مالأ على الإسلام وأهله الكفار هولاكو خان...وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة ـ أي اجتياح التتار لبغداد ـ يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف مقاتل، منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهّل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعاً منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضية وأن يقيم خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتين، وأراد الوزير ابن العلقمي قبحه الله ولعنه أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم وعملهم بها وعليها، فلم يقدره الله تعالى على ذلك، ثم حصل له بعد ذلك من الإهانة والذل على أيدي التتار الذين مالأهم وزال عنه ستر الله، وذاق الخزي في الحياة الدنيا، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى، وقد رأته امرأة وهو في الذل والهوان وهو راكب في أيام التتار برذوناً وهو مرسم عليه، وسائق يسوق به ويضرب فرسه، فوقفت إلى جانبه وقالت له: يا ابن العلقمي هكذا كان بنو العباس يعاملونك؟ فوقعت كلمتها في قلبه وانقطع في داره إلى أن مات كمداً وغبينة وضيقاً وقلة وذلة». واليوم يتغنى الشيعة بابن العلقمي ويثنون عليه، وقد سمعناهم مراراً يتبجحون بذلك، وقائلهم يقول: الحمد لله الذي جعلني من ذرية ابن العلقمي، ولم يجعلني من ذرية المستعصم.
وتعاون الشيعة كذلك مع تيمور لنك عندما غزا بلاد المسلمين، وكانوا يمتحنون الناس، ويناظرونهم بمجلس تيمور، عن أبي بكر وعمر ومقتل الحسين، وكانوا سبباً في إهلاك الملايين من المسلمين في بغداد والبصرة ودمشق وحلب على يدي هذا الظالم.
واليوم تربط إيران الشيعية أوثق الصلات مع دولة الهند والصين وكوريا الشمالية، وقبلهم الاتحاد السوفييتي، في حين لا يجمعهم مع دول المسلمين أي جامع، بل هي تتآمر جهاراً نهاراً على هذه البلاد وتتعاون مع أعدائها. وتنشىء في كل بلد ما يسمى بحزب الله، الذي يتبع جيش القدس، ووظيفته إثارة الفتن والمظاهرات والاغتيالات وأعمال التدمير والشغب، كما حدث في الكويت والحرمين الشريفين والبحرين والعراق واليمن ولبنان.
خاتمة:
يقول الخميني في كتابه تحرير الوسيلة: وأما النواصب ـ أي عموم أهل السنة ـ والخوارج لعنهم الله تعالى فهما نجسان من غير توقف، ذلك إلى جحودهما الراجع إلى إنكار الرسالة. ويقول أيضاً: فتحل ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا الناصب، وإن أظهر الإسلام. ويعتبر الخميني السني أكفر من اليهود والنصارى، انظر لقوله: يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر لا الإيمان والإسلام، فتجوز على الغني والذمي والمخالف وإن كانا أجنبيين، نعم لا تجوز على الناصب ولا الحربي وإن كانا قريبين. ويتساهل مع المخالفين للاثني عشرية من الشيعة فيقول: غير الاثني عشرية من الشيعة إذا لم يظهر منهم تعصب ومعاداة وسب لسائر الأئمة الذين لا يعتقدون بإمامتهم طاهرون. انظر (وجاء دور المجوس ص: 185).
قد تحدث حروب أو مناوشات بين الشيعة وخصومهم بين حين وآخر، وهذا قد حدث سابقاً، ويحدث أحياناً هذه الأيام، ولكن هذا الخصام لا يدوم بل هو لوقت محدد وفي مكان محدد، ثم يعقبه ـ تقية ـ وصال وتفاهم. ولكن الثابت وعلى مر التاريخ منذ أن ابتلي المسلمون بهذه الفرقة الخبيثة، عداءهم لأهل السنة، فدين القوم يقوم أساساً على بغض السنة ومحاولة الاقتصاص منهم. واطلاعة سريعة على كتاب البداية والنهاية لابن كثير تنبئك أنه لم يكن يمضي عام على بغداد إلا وتكون هناك مقتلة أو حادثة أو مصيبة بين السنة والشيعة.
لقد حوت كتب التاريخ الكثير الكثير من الحوداث التي تبين عداوة الشيعة لأهل السنة، وتعاونهم مع كل عدو لهم. وكان الناس يعاتبوننا على ذكرنا لهذه الحوادث، ويقولون: كيف تحاسبون شيعة اليوم على ما اقترفه سلفهم؟ فنقول إن الشيعة هم الذين يرفضون أن يدعوا التاريخ وشأنه، ولا هَمَّ لهم إلا لماذا خرج فلان على علي؟ ولماذا قُتل الحسين؟ ولم لم يبايع لعلي؟ ثم جاءت الأحداث الأخيرة في إيران ولبنان وأفغانستان والعراق لتثبت للجميع أن شيعة اليوم لا يختلفون عن شيعة الأمس، فالعداء فقط لأهل السنة في كل زمان ومكان، أما غيرهم من ملل الكفر، فالمصالح تجمعهم ويتساهل معهم مقابل العدو المشترك، أي أهل السنة والجماعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق